الاثنين، 15 يوليو 2013

أساليب نشر الثقافة البيئية في المجتمع الجزائري


 


تبادر السلطات العمومية في بعض الولايات من الوطن مع هذا الدخول الاجتماعي إلى تنظيم حملات تنظيف واسعة النطاق والقضاء على الفضاءات التجارية الفوضوية في بعض مدننا، تجاوب معها في بعض منها المواطنون مرحبين بهذه الخطوة. وكانت الأفواج الكشفية بغرداية مؤخرا صاحبة السبق إلى هذا العمل الحضاري الذي يبرز مدى دور المواطنين في نجاح السياسة البيئية، ويؤكد على ضرورة ترقية الثقافة البيئية في المجتمع الجزائري من خلال إدماج البعد البيئي في جميع الأنشطة الاجتماعية والتربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية، حتى نصل إلى تحقيق "مواطنة إيكولوجية"، بمعنى ممارسة سلوك جديد ونظرة مغايرة إلى البيئة وتصور مختلف لأنماط التعامل مع البيئة، تقوم على احترام الطبيعة والمحافظة على عناصرها المكونة لها، والاستغلال العقلاني والمستدام لمواردها
التدهور الخطير للوضع البيئي في الجزائر نتج من ضعف التنسيق الفعال بين قطاعات الدولة ومن غياب دور المجتمع
 الثقافة البيئية تنمو في المجتمع من خلال عمليات التوعية المستمرة التي تقوم بها مؤسسات التنشئة الاجتماعية
يطرح هذا المقال مفهوم الثقافة البيئية كوسيلة لتطوير الوعي البيئي بغية بلورة سلوك بيئي ايجابي ودائم، والذي هو بمثابةالشرط الأساسي كي يستطيع كل شخص أن يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة وبالتاليالمساهمة في الحفاظ على الصحة العامة. فما هي المحفزات التي تسمح بتطوير الثقافة البيئية في مجتمعنا والجزائر بصفة عامة؟، وما هي وظيفة مؤسسات التنشئة الاجتماعية في تعزيز مبادئ الثقافة البيئية؟، وما هي العراقيل التي تحول دون ترقية الثقافة البيئية في أوساط المواطنين؟. 
 أولا – الفرص والمحفزات:
 تزخر الجزائر بعوامل عديدة تسمح لها بالخروج من أزمتها البيئية وتدعيم ركائز الثقافة البيئية في أوساط مواطنيها، باعتبار توافق الإطار التشريعي والتنظيمي مع أهداف حماية البيئة بكل مكوناتها، وتوفر القدرات المؤسساتية الكافية لمتابعة تطبيق القوانين، إلى جانب الأدوات المدعمة للتحسيس والتربية البيئية التي تقوم بها المؤسسات الاجتماعية في المجتمع الجزائري.
 – التشريعات (قوانين ومراسيم):
  ظهرت أولى البوادر التشريعية التي تجسد اهتمام الجزائر بحماية البيئة سنوات قليلة بعد الاستقلال، وذلك عندما أخذت الحماية القانونية تحتل مكانتها تدريجيا في منظور السلطات الجزائرية، فشرعت في إصدار النصوص القانونية في شكل أحكام منتشرة في مختلف القوانين الإدارية والجنائية والمدنية. ونلمس تزايد اهتمام السلطات الجزائرية بحماية البيئة في قرار إنشاء المجلس الوطني للبيئة في سنة 1974 كهيئة استشارية تقدم اقتراحاتها في مجالحماية البيئة. وصدر أول قانون مستقل لحماية البيئة في عام 1983، وتضمن المبادئ العامة لمختلف جوانب حماية البيئة. أمام التدهور الذي شهدته البيئة في الجزائر في سنوات سابقة رغم إصدار كم كبير من القوانين والنصوص التنظيمية، تأثر المشرع الجزائريبالقضايا البيئية الدولية وإشكالاتها المطروحة والمقاربات الحديثة لمعالجتها، فأصدر القانون رقم 03–10 المتضمنحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة. وتبع ذلك صدور جملة من القوانين المتعلقة بحماية البيئة، بما يتناسب ومتطلبات التنميةالمستدامة ومبادئها.
إن قوانين البيئة التي صدرت في الجزائر، مثل باقي القوانين البيئية في دول العالم، تسعى إلى تحقيق هدف أساسي هو وقاية البيئة ومنع وقوع أسباب الإضرار بها، ولهذا حدد المشرع الجزائري في القانون رقم 03–10 وفق المادة الثالثة جملة من المبادئ العامة التي تقوم عليها حماية البيئة في الجزائر، مثل مبدأ الإعلام والمشاركة، وينص على أن يكون " لكل شخص الحق في أن يكون على علم بحالة البيئة والمشاركة في الإجراءات المسبقة عند اتخاذ القرارات التي قد تضر بالبيئة ".      
   من هذا المنطلق، يبرز حق المواطنين والمجتمع المدني في الحصول على معلومات تتعلق بحالة البيئة والتدابير والإجراءات الموجهة لضمان حماية البيئة وتنظيمها. وتكمن أهمية هذا المبدأ باعتبار أن حماية البيئة ليست مسؤولية الأجهزة الحكومية أو المؤسسات العاملة في مجالات حماية البيئة وحدها، بل يتحمل الأفراد وأيضا الجمعيات والأحزاب السياسية نصيبا من المسؤولية. 
   ونجد هذا الأمر مجسَّدا في جميع القوانين الأخرى المرتبطة بحماية البيئة، حيث تحظى جمعيات المجتمع المدني بدور هام لا يقل أهمية عن دور الإدارة في حماية البيئة وترقيتها وتحسينها. وينص قانون البلدية الجديد في بابه الثالث (من المادة 11 إلى المادة 14) على مشاركة المواطنين في تسيير شؤون البلدية، ويسهر المجلس الشعبي البلدي من أجل ذلك على إعلام هؤلاء المواطنين بشؤونهم واستشارتهم حول خيارات وأولويات التهيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويسهر المجلس كذلك على وضع إطار ملائم للمبادرات المحلية التي تحفز المواطنين وتحثهم على المشاركة في تسوية مشاكلهم وتحسين ظروف معيشتهم.
- الهيئات البيئية الإدارية:
تقوم الإستراتيجية البيئية في الجزائر على متابعة التطبيق الفعلي للتشريع، وبقدرات مؤسساتية وموارد بشرية، وهناك العديد من الهيئات الإدارية المكلفة بحماية البيئة جلها مركزية تختص بالقضايا البيئية ذات البعد الوطني. كما توجد هيئات أخرى محلية تضع القضايا البيئية المحلية بين اهتماماتها، وتأتي الجماعات المحلية على رأس هذه الهيئات باعتبار أنها تشكل حلقة اتصال هامة بالمواطن، حيث يمكنها معالجة الانشغالات اليومية للسكان، لا سيما تلك التي لها تأثير سلبي على الصحة العمومية والمحيط المعيشي. 
وتشكل الجماعات المحلية (مصالح الولاية والبلدية) الحلقة الأهم في تنفيذ السياسات العامة للبيئة على المستوى الوطنيباستخدام الوسائل والإمكانات المادية والبشرية المتاحة وممارسة صلاحياتها المنصوص عليها في القوانين، والاستعانة بشركائها في العملية مثل المجتمع المدني بمختلف تشكيلاته خصوصا الجمعيات المهتمة بقضايا البيئة. 
   وتمتلك الجماعات المحلية قدرا من الاستقلالية في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لحماية البيئة، وتتيح النصوص التشريعية والتنفيذية السارية للبلدية هامشا من التحرك والمبادرة في عدة مجالات كتسيير النفايات والصحة العمومية والتهيئة والتعمير. لكن يتعين على المسؤولين المحليين أن يقوموا بدور أكبر في مجال التنسيق مع الجمعيات المحلية لحماية البيئة ولجان الأحياء بغية تفعيل عمليات حماية البيئة ومحاربة التلوث بجميع أشكاله، ويتم ذلك من خلال إشراك هذه الأطراف ودمجها في عملية صنع القرار البيئي المحلي قصد المبادرة بأعمال من شأنها أن تغير الوضع البيئي من التدهور إلى التطور، وتعمل على نشر الوعي البيئي وبلورة مفهوم الثقافة البيئية بين المواطنين، وهذا ما يندرج أيضا ضمن مفهوم الحكم الراشد للتسيير البيئي أو حوكمة الإدارة البيئية المحلية.
– مؤسسات التنشئة الاجتماعية:
إذا كانت التنشئة الاجتماعية، عملية اجتماعية يتم بواسطتها اكتساب الفرد ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه، فإن المؤسسة الاجتماعية تعد اللبنة التي تتشكل فيها العلاقات الخاصة بين الأعضاء، فتتحدد الأدوار الاجتماعية، كما تتحدد الحقوق والواجبات. كما أن علاقة الفرد بالمجتمع لا تكون إلا من خلال المؤسسة الاجتماعية التي ينتمي إليها، فالفرد لا يكون في علاقة مباشرة مع المجتمع، وإنما من خلال المؤسسة التي ينتمي إليها، كما أن المجتمع لا يؤثر في الفرد إلا من خلال تلك المؤسسة نفسها.
ومن بين أهم هذه المؤسسات الاجتماعية، الأسرة وهي المسئولة عن تنشئة أطفالها، حيث تعد التنشئة وظيفتها الرئيسة. وتعد الأسرة الجزائرية في عمومها أسرة متماسكة تعتني بأبنائها وتوجههم الاتجاه الصحيح في التنشئة والتربية، من خلال التلقين والنصح والملاحظة.  
من بين المؤسسات كذلك المدرسة، وهي المؤسسة الاجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة التربية، وتوفير الظروف المناسبة لنمو الطفل جسمياً وعقلياً وانفعالياً واجتماعياً، وتعلم المزيد من المعايير الاجتماعية، والأدوار الاجتماعية. ويعرفها إميل دور كايم بأنها " عبارة عن تعبير امتيازي للمجتمع الذي يوليها بأن تنقل إلى الأطفال قيما ثقافية وأخلاقية واجتماعية يعتبرها ضرورية للتشكيل الراشد وإدماجه في بيئته ووسطه ".
 ويزخر مجتمعنا بغرداية والجزائر عموما بمؤسسة اجتماعية لها دور بالغ في التنشئة والتوعية في مختلف القضايا الاجتماعية هي مؤسسة المسجد. وتمتلك المساجد عدة وسائل لممارسة التنشئة الاجتماعية للحفاظ على البيئة من خلال خطب الجمعة والأعياد ودروس الوعظ والإرشاد بين صلوات المغرب والعشاء، وتنظيم محاضرات والندوات وأنشطة تبرز أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم الاعتداء على البيئة الطبيعية والحضرية. 
وقد بادرت مؤخرا بعض المساجد بولاية غرداية بتنظيم أيام إعلامية للتحسيس والتوعية للمحافظة على البيئة والتراث المعماري المحلي. وتم خلاله تقديم محاضرات ودروس مسجدية وإقامة معارض للصور وحملات للنظافة وأنشطة ثقافية ترفيهية للأطفال بغية غرس قيم الثقافة البيئية في نفوسهم.   
وتعد الجمعيات ولجان الأحياء وأفواج الكشافة واحدة من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية في مجتمعنا الجزائري، وتنشط على صعيد ولاية غرداية 2097  جمعية معتمدة، منها 28 جمعية لحماية البيئة تتوزع جغرافيا على تسع بلديات من الولاية. ونجد إلى جانبها 535 لجنة حي، وتعمل هذه اللجان كما هو معروف في مجالات النظافة وحماية المحيط والإنارة العمومية، ويمكن أن تؤدي دورا مهما في مجال حماية البيئة على غرار تنظيم حملات للتشجير وتنظيم تسيير جمع النفايات داخل الأحياء.
ثانيا – التهديدات والعراقيل: هناك عدة مقومات ومحفزات تسمح بنشر الثقافة البيئية في الجزائر، كما تقدم. لكن توجد أيضا عراقيل ومعوقات لا تسمح بتطوير مفهوم هذه الثقافة في أوساط المواطنين، نسجل منها:
-     عدم تطبيق القوانين ونقص الردع:  إن المتتبع للمشهد البيئي في الجزائر، يلاحظ اختلالا واضحا في التوازنات البيئية وانتشارا مذهلا للنفايات وامتدادا متواصلا للتلوث في كافة مناحي الحياة. وسيكون من المنطقي التساؤل عن أسباب هذا التردي في ظل وجود ترسانة من القوانين البيئية وغير البيئية في الجزائر التي تمنع إحداث أضرار بالبيئة أو ممارسة أي نشاط من شأنه تلويث البيئة، غير أن الجواب لن يستدعي الكثير من الجهد للتصريح به وهو عدم تطبيق تلك القوانين وانعدام الردع على المخالفين إلا نادرا.
وقد بات من المؤكد أن عدم تطبيق القانون على الجميع وفي كافة الحالات، أدى إلى تفاقم الوضع البيئي في الجزائر، وإلى عدم احترام القوانين والتشريعات، الأمر الذي يهدد بيئتنا بمزيد من التلوث والتدهور.   – ضعف التنشئة الاجتماعية البيئية: عندما نتابع الوضع البيئي في الجزائر، وانصراف المواطنين عن أداء واجباتهم نحو بيئتهم من رعاية وحماية ومحافظة، فإن التساؤل حول دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية جدير أن يطرح في هذا المقام نظرا إلى التأثير القوي الذي يُفترض أن تخلفه في نفوس المواطنين. ويبدو أن هناك فجوة بين هذه المؤسسات والمواطنين لا تسمح بمرور رسالة التوعية والتحسيس بالشكل المناسب. ويبدو أن من الأسباب التي أدى إلى ذلك غياب القدوة الحسنة لأنها تعد من أنجع الأساليب، فهي تتطلب التزاما صادقا من الأفراد بما يدعون إليه.وإذا كانت القدوة حسنة سواء من المسؤولين أو من أولياء الأمور، فإنها ستنتج سلوكا حسنا وقويما والعكس صحيح.
وفي الجانب التربوي التعليمي، يسجل المتمعن في المناهج التربوية والبرامج البيداغوجية للمنظومة التربوية في بلادنا، نوعا من الارتياح بخصوص مضمون الدروس التي ترسخ الثقافة البيئية لدى التلاميذ، لكن يلاحظ أيضا انعدام التطبيقات العملية الميدانية لتلك الدروس، مما يمنع من تحقيق جميع الكفاءات المستهدفة في التلميذ مكتفيا بالتعلم بطريقة التلقين التقليدية التي تجاوزتها أساليب التدريس الحديثة. ونضيف إلى العوامل السالفة الذكر تقاعس بعض الجمعيات عن العمل البيئي، وإن العدد المعتبر لجمعيات حماية البيئة ولجان الأحياء لا يعبر بصدق عن مدى فعالية الجهود المبذولة من أجل التحسيس والتوعية ونشر الثقافة البيئية في المجتمع الجزائري. إن صدى هذه الجمعيات على أرض الواقع ضعيف وغير مؤثر، ولا نكاد نسمع أو نقرأ عن جمعية تمكنت من إحداث تغيير جوهري في الممارسات البيئية لدى مستوى المسؤولين، وبل حتى على مستوى المواطنين. وإذا تصفحنا إنجازات هذه الجمعيات لوجدنا عددا قليلا جدا منها استطاعت أن تحجز مكانة ضمن الجمعيات الفاعلة في الميدان البيئي.
ومن الأسباب الرئيسة في تدهور بيئتنا كذلك انعدام روح المواطنة وسلبية المجتمع المدني، حيث يعتبر كثير من الباحثين في الشؤون البيئية أن البيئة أصبحت حقا من حقوق الإنسان بمقتضى قرارات واتفاقات دولية، فالعلاقة ما بين البيئةوحقوق الإنسان أصبحت بموجب ذلك علاقة تبادلية، ويستحيل تفريق البيئة عن القضايا المتعلقة بحقوقالإنسان، وخاصة فيما يتعلق بالتنمية الاجتماعية المستدامة، وذلك لأن ما بين البيئةوالأشخاص أو الأفراد علاقة متبادلة، إذ يؤثر كل نشاط إنساني على البيئة، وكذلكتؤثر البيئة على الحياة الإنسانية ، كما تؤثر الأحداث المناخية على العالمكله.
   بذلك فإن من حقوق المواطنة أن يكون للمواطن حق العيش في بيئةمتوازنة خالية من الأضرار التي تلحق الأذى بصحته، ورفاهيته من أهم الحقوق الأساسية التياستقرت عليها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية منها الجزائر.
   وتشمل حقوق المواطنة كل الأسباب التي تؤدي إلى توفيربيئة نظيفة وصحية خالية من التلوث والأمراض والأوبئة مع حماية الموارد الطبيعية والالتزام بتنمية مواردها. مقابل هذه الحقوق، تسند التشريعات إلى الأفراد الطبيعيين والمعنويين واجبات تفرض عليهم إدراك وعيهم في حماية البيئة من خلال حسن استغلال الموارد الطبيعية والمحافظة عليها وعدم تبذيرها خصوصا المياه، وضرورة مكافحة التلوث ومنع تدهور المحيط الطبيعي والحضري بالتدخل في مصدر التلوث.  
   إن هذا الحق في إيجاد بيئة نظيفة، كما يقول الأستاذ بشير خلف، أن الشعور بالمسؤولية والإحساس بالمواطنة يعدان من الركائز الأساسية في ثقافة البيئة، والحفاظ عليها، والتعاملمعها .. غير أن واقعنا يبين بوضوح أن روح المواطنة لدينا غائبة لدى أغلبالمواطنين، ولكن يقابله المطالبة المستمرّة بالحقوق، دون الالتزامبأداء الواجبات التي منها واجب حماية البيئة التي يتولى المواطن القسط الأهم منهافي مأواه، وفي محيطه القريب منه.
   لقد بينت الدراسات الميدانية في كثير من البلدان أن فرض القوانين بأساليب ردعية فقط لم يكن مجديا بالشكل المطلوب، ولذلك على المسؤولين المحليين أن يقوموا بدور أكبر في مجال التنسيق والتعاون مع الجمعيات المحلية لحماية البيئة ولجان الأحياء وكافة المواطنين بغية تفعيل عمليات حماية البيئة ومحاربة التلوث بجميع أشكاله، من خلال تطبيق آليات الحكم الراشد. والتدهور الخطير للوضع البيئي خلال السنوات القليلة الماضية في الجزائر قد نتج غالباً من ضعف أو غياب التنسيق الفعال بين قطاعات الدولة المعنية وأيضاً من غياب الدور المجتمعي وتحميل الدولة وحدها مسؤولية المحافظة على الموارد البيئية وتنميتها.
   تأسيسا على ذلك، فإن المجتمع المدني في الجزائر، بالنظر إلى القوانين السارية، بإمكانه أداء دور هام في مجال حماية البيئة، حيث بمقدرته مشاركة السلطات والهيئات المحلية المنتخبة في اتخاذ القرار، بل ومقاضاة المتسببين في إلحاق أضرار بالبيئة. كما تتيح ذات القوانين للمواطنين والجمعيات الإطلاع على جميع ما يتعلق بمشكلات البيئة، ومنحها حق الحصول على معلومات من الإدارة حول ما كل يتعلق بقضايا البيئة والمخاطر البيئية التي تهدد السكان.  
كخاتمة، نستطيع القول أن الثقافة البيئية تنمو وترسخ لدى الأفراد وفي وسط المجتمع بإصدار التشريعات اللازمة وإنشاء الهيئات المكلفة بتنفيذ هذه التشريعات على أرض الواقع، ومن خلال عمليات التوعية والتحسيس المستمرة التي تقوم بها مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بالتأكيد على أهمية البيئة وضرورة المحافظة على المحيط وعلى التوازن البيئي في إطار القيم التي ترتكز عليها روح المواطنة.

  إن الثقافة البيئية تشكل أحد أهم الروافد التي أصبح الإنسان المعاصر ينادي بها، وهذا نظرا للأهمية الكبيرة التي تحتلها في حياة البشرية، وبات من الملح إيلاء الأهمية القصوى  لهذا الجانب في الجزائر لتجنب المزيد من التدهور في بيئتنا، من خلال مجموعة من التدابير كأن التربية البيئية مستمرة طوال عمر المواطن، وتتحمل مسؤوليتها كل الجهات الرسمية وغير الرسمية وكل الفعاليات في المجتمع، مع مراجعة دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في الجزائر، وعدم التخلي عن مكانتها الأساسية في تنمية الثقافة البيئية، وضرورة إسناد صلاحيات أكبر لجمعيات حماية البيئة ولجان الأحياء في غرس قيم الثقافة البيئية في المجتمع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق