الثلاثاء، 27 مايو 2014

الصبر على تربية الابناء



 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد :-
فقد جعل الله - عز وجل - الصبر قوام الأمور ، وزمامها ، وضابطها وبهذا المنهج الرباني من الصبر قامت الأسر المسلمة في تربيتها ورعايتها لأولادها .
فالأسرة مسؤولة عن أولادها ولقد كرم الله سبحانه الأم ورفع شأنها فجعل الأم راعية ومسؤولة عن رعيتها وعما استؤمنت عليه , لأن الأم هي التي تستطيع
بفضل الله أن تخرج لنا الأجيال الصالحة التي تحقق الغاية المنشودة .ولا شك أن الأولاد وديعة في يد الأم و هي مسؤولة عن تربيتهم على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وبالتأكيد أن الأم و الأب كلاهما مسؤولان عن تربية الأبناء لكن هنا وعبر هذا المنتدى أخاطب الأم لأنها تقضي مجمل وقتها في تربية الأبناء و الإعتناء بهم وقد تفقد صبرها في بعض المواقف و الظروف و لا أخفي عليكن فأنا من الأمهات اللاتي تفقد صبرها في بعض الأوقات .
قرأت عدة مواضيع عن الصبر و وجدت فيها الفائدة بإذن الله و أحببت أن أنقلها لكم في موضوع واحد وبناء على ذلك فإن هذا الموضوع سيتناول :

فضل الصبر و ثوابه
الأسباب المعينة على الصبر
الآفات المعيقة للصبر
تعليم و تدريب الأطفال على الصبر

فضل الصبر و ثوابه :
1- أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم .ويوفيهم أجرهم بغير حساب، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال تعالى: (( إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجّرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ )) الزمر 10
2 - وأن الصابرين في معية الله، فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه، قال تعالى: (( إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ )) البقرة 153.
3 - وأخبر سبحانه عن محبته لأهل الصبر فقال : (( وَاللّهُ يُحِبُ الصّابِرِينَ )) آل عمران 146 وفي هذا أعظم ترغيب للراغبين.
4 - وأخبر أن الصبر خير لأهله مؤكداً ذلك باليمين فقال سبحانه: (( وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَابِريِنَ )) النحل 126.
5 - وجمع الله للصابرين أموراً ثلاثة لم يجمعها لغيرهم وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم، قال تعالى: (( وَبَشّرِ الصّابِرين o الّذِينَ إذَآ أصَابَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ o أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ )) البقرة 155 -
157
6 - ومنها أيضاً أن الله علق الفلاح في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال: (( يآأيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ )) آل عمران 200 فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.
و لقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم صنوف الأذى البدني والنفسي والمالي والاجتماعي والدعائي وغيره، وقاوم ذلك كله بالصبر الذي أمره به الله في أكثر من موضع في القرآن ولذلك ينبغي لكل أم أن تعتني بالصبر و تجعله سلاحاً لها ودرعاً في مواجهة الضغوط من أولادها اقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام القائل : { ومن يتصبر يصبره الله } فلا بد أن نصبر ونتذكر أهمية وفضل الصبر وأجر الصابرين لنفوز في الدنيا والآخرة .



الأسباب المعينة على الصبر:
1- الاستعانة بالله: مما يعين المبتلى على الصبر أن يستعين بالله تعالى ويلجأ إلى حماه فيشعر بمعيته سبحانه وأنه في حمايته ورعايته، قال تعالى ((استعينوا بالله واصبروا )) الأعراف 128
2 – العلم بطبيعة الحياة الدنيا: إن من عرف طبيعة الدنيا وما جبلت عليه من الكدر والمشقة والعناء هان عليه ما يبتلى به فيها لأنه وقع في أمر هو مؤمن به
3 – علمك بأنك وما بيدك ملك لله تعالى ومرجعك إليه : قال تعالى: (( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ )) النحل 53 ، وقد علمنا في كتاب ربنا أن نقول عند حلول المصائب: ((إنا لله وإنا إليه راجعون))
4 - اليقين بحسن الجزاء عند الله تعالى : أن مما يرغب الإنسان في العمل، ويزيده ثباتاً فيه علمه بحسن جزائه  (( نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ O الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )) 58 - 59
5- الثقة بحصول الفرج : قال تعالى: (( فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا ))  الشرح 5 - 6
6 - الاقتداء بأهل الصبر: إن التأمل في سير الصابرين يعطي الإنسان دافعاً على الصبر .


الآفات المعيقة للصبر :
1- الاستعجال: النفس مجبولة بحب العاجل ((خلق الإنسان من عجل)) الأنبياء 37 ، فإذا أبطأ على الإنسان ما يريد نفد صبره وضاق صدره واستعجل قطف الثمرة قبل أوانها فلا هو ظفر بثمرة طيبة ولا هو أتم المسير، ولهذا قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ )) الأحقاف 35
2 - اليأس : أعظم عوائق الصبر وهو الذي حذر يعقوب أبناءه من الوقوع فيه مع تكرار البحث عن يوسف وأخيه قال تعالى : (( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )) يوسف 87


تعليم و تدريب الأطفال على الصبر

يلزم الأم التفهم للخصائص العمرية لأولادها وتوسيع النطاق للثقافة بطبيعة كل مرحلة من مراحل العمر , فإن توفير القسط الكافي من المعرفة يسهل عملية التعامل مع مشاكل الأبناء ويذلل الصعوبات .
فإن الطفل والمراهق والشاب يمرون بسلسلة سريعة من التغيرات الجسدية والنفسية كما أنهم ينفتحون على المجتمع بصورة أكبر مما يتطلب بناء المزيد من العلاقات وممارسة الحرية المنضبطة دون انتهاك حقوق الآخرين أو القيم في المجتمع مع ضرورة الصبر على ذلك .
فينبغي للأم أن تهتم بكل مرحلة على حدة بحسب أهليته فإن كان طفلاً فبالتدريب والترغيب لا الترهيب وإن كان مراهقاً أو شاباً فبالتكليف والترغيب أيضاً فتشعرهم بالمسؤولية الكاملة وأنهم أهلٌ لها وسيسألون عن تصرفاتهم ومن ثم يصبر عليهم بطبيعة مرحلتهم ولا تنتقد بشخصياتهم فيرشدون إلى الفضائل ويحذرون من الرذائل وإنما ينتقد تصرفهم إذا أخطأوا وينصحون ويرشدون للصواب مع الاستعانة بالله والدعاء لهم
(( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ )) .

الصبر فضيلة مكتسبة عند البشر، وينبغي تعليم الأطفال فن الانتظار و على الأم أن تكون قدوة لطفلها لأنّ الصبر سلوك ينتقل من إنسان إلى آخر‏ ، وهذه الخطوات بإذن الله تساعد الأم على تعليم أطفالها الصبر :

* شجعوه على الصبر، وكافئوا طفلكم على أقل قدر من الصبر وهنئوه عندما يثبت أنه صبور أو عندما يقوم بتنفيذ مهمة ما.اشرحوا له مثلاً ماتعنيه كلمة "صبر" إذا شعرتم بأنها غير مألوفة لديه.قولوا لطفلكم مثلاً :"لقد كنت صبور عندما انتظرت حتى انتهي من تنظيف المجلى قبل أن أعطيك كأساً من عصير الفاكهة ، هذا يثبت أنك شاب لطيف".هكذا تستطيعون أن تجعلوا طفلكم يكتشف أنه قادر على تأجيل إشباع رغباته ، حتى وإن كان لايعرف ذلك بعد و فضلاً عن ذلك يؤدي استحسانكم لما يفعله الى زيادة عنفوانه.

* حافظوا على هدوئكم قدر الإمكان ، حتى إذا رفض طفلكم الانتظار او احتج لأنه لايستطيع فرض إرادته  فتذكروا أنه يتعلم درساً ثميناً من دروس الحياة هو فن الصبر ، فعندما يلاحظ طفلكم أنكم تصبرون  يتعلم بسرعة أن الطلب لايحقق الرغبات بالسرعة نفسها التي يحققها إنجاز العمل بنفسه.

* اجعلوه يفهم أنكم لم تستجيبوا له لأنه ألح على مايريد ، فحتى لو تمنع طفلكم عن الانتظار اجعلوه يفهم بشكل واضح أنكم تصعدون في السيارة لأنكم أنهيتم عملكم وأصبحتم مستعدين للانطلاق لا لأنه تذمر طيلة الوقت من أجل الخروج ، قولي له:"انتهيت من غسل الأواني ويمكننا الآن أن نذهب".


* اجعلوا طفلكم يشارك في تحقيق رغباته :  فإذا صرخ طفلكم قائلاً : "أريد ان أذهب ، أريد أن أذهب ، أريد أن أذهب" - لزيارة جدته مثلاً - كرروا على مسمعه الشروط المطلوبة سلفاً قبل أن تلبوا طلبه ، فبذلك تزيدون فرص تنفيذ المهمة التي تنتظرون منه تنفيذها . اذكروا له تلك الشروط بطريقة إيجابية كأن تقولوا له : "عندما تفرغ من ترتيب كتبك على الرف ، سنذهب لزيارة جدتك".

* تجنبوا الرد على رغبات طفلكم بكلمة "لا" قاطعة ، بل اشرحوا له كيفية التصرف للحصول على مايريد (إذا كان ما يريده ممكناً ولاينطوي على أي خطر)، بدلاً من أن تعطوه الانطباع بأنه لن يحصل مطلقاً على مايريد ، قولوا له مثلاً : "عندما تنتهي من غسل يديك ستحصل على تفاحة".صحيح أن ثمة مواقف يكون عليكم فيها أن تقولوا "لا" لطفلكم (عندما يصر على اللعب بأدوات خطره),اقترحوا عليه في هذه الحالة لعبة أخرى تشبع رغباته وتعلم هوفي الوقت نفسه أن يقبل التسويات وأن يبقى مرناً. و إذا انفجر طفلك باكياً وغاضباً في مواجهة كلمة «لا»، واصلي أعمالكِ حتى تنتهي نوبة غضبه ويهدأ.

* كوني محدّدة في وقت الانتظار الذي تطلبينه من طفلك، فلا تجعلي فترة انتظاره مفتوحة. على سبيل المثال، إذا وعدته بقطعة من الحلوى بعد تناول وجبته ، لا تنتظري كثيراً حتى تمنحيها له.
* تجنّبي إثارة حماسة صغيرك لأمر معيّن قبل موعد تحقيقه بفترة طويلة.


تم بحمد الله
أسأل الله أن يرزقنا الصبر و أن يجعل أولادنا من الصالحين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق