مقالة تحت عنوان : اسباب الانتحار عند الشباب في الجزائر
من اعداد الاستاذ : فتال توفيق
من اعداد الاستاذ : فتال توفيق
تمهيد:
تعد ظاهرة الانتحار في المجتمع الجزائري من الظواهر التي أصبحت تشهد ارتفاعا محسوسا لا مثيل له ، على غرار بعض الدول و هو الأمر الذي لم يكن على هذا النحو فيما مضى.
و مما لا يضع مجالا للشك أن بروز هذه الظاهرة في مجتمعنا بالرغم من كونه مجتمع محافظ له عاداته و تقاليده السامية. هذه الأخيرة التي لا تسمح بحدوث مثل هذه السلوكات في وسط أفراده. ما رد ذلك إلا إلى التحولات و التغيرات التي طرأت على المجتمع الجزائري في جميع المجالات الاجتماعية ، الاقتصادية، السياسية و الثقافية.
و لهدا سوف نتطرق الى دكر بعض الاسباب التي تدفع ببعض الشباب الجزائري الى الانتحار
أسباب الانتحار عند الشباب في الجزائر:
:1 المشاكل الاجتماعية و العائلية:
لا توجد أسرة تخلو من المشاكل أو لم تتعرضها المشاكل مهما كان نوعها،" حيث تبين أن أكثر من نصف أفراد المجتمع قامت بمحاولة الانتحار بسبب هذه المشاكل العائلية منها )19.33 (% من مجموع المنتحرين بسبب الخلافات المستمرة مع الأب أي سوء التفاهم الدائم مع الأب و )14 % ( قاموا بمحاولة الانتحار بسبب الشجار المستمر مع الآم
و )2.66 (% منهم بسبب خلافات مستمرة مع باقي أفراد العائلة كما يتضح أن نسبة
)0.66 % (من المنتحرين يتراوح سنها بين 10 سنوات و 14 سنة و هذه النسبة ضئيلة جدا .و بارتفاع السن تصل الى) 20% ("
ما يزيد الجو تعكرا في معظم الحيان هو ضيق المسكن و نقص وسائل الترفيه مما يجعل جوا لا يتحمل داخل الأسرة و يولد الرغبة في النفور من هنا تبين لها أن نظام علاقات الأسرة في المجتمع الجزائري على حاكم و محكوم.
2: الخلافات الزوجية:
هي جزء من المشاكل الاجتماعية لأنها تمثل تأزم العلاقة بين الزوجين.
حيث دلت الإحصائيات أن نسبة )6.66 (% من النساء انتحرت بسبب الخلافات الزوجية مقابل) 0.66 (% من الذكور لنفس السبب. تظهر عند سن 25 سنة بنسبة )2 % (ثم ترتفع إلى نسبة
(3.33 % ( عند سن 30 الى 34 سنة لتنعدم في سن الخمسين سنة.
3: المشاكل العاطفية:
إن تعرض الشخص لأزمة عاطفية شديدة قد يفتقد أحيانا توازنه و يزيد من درجة انفعاله و توتر أعصابه و ينعكس ذلك على تصرفاته مع الآخرين، خصوصا عمله، آسرته و يصبح أكثر عصبية و توتر حيث يصبح يفكر في الانتقام من نفسه.و هنا نجد
" أن نسبة) 17.27(% شخص قاموا بمحاولة الانتحار لهذا السبب و منهم) 15.45(% إناث و تتراوح أعمارهم بين 15و34 سنة وأعلى نسبة عند فئة 15و19سنة بنسبة) 5.33 (%"
4: المشاكل الجنسية :
إن الممارسة الجنسية في المجتمع الجزائري، و حتى المجتمعات العربية الإسلامية عامة تعتبر ممنوعا شرعا و قانونا إلا في إطار الزواج حيث تبين من خلال العينة أن نسبة
) 4 (% من الفتيات أقدمن على الانتحار بسبب فقدانهن غشاء البكارة و) 1.33 (%بسبب الحمل الغير الشرعي و تتراوح أعمارهن بين 20 و 34 سنة و تكون أعلى نسبة في فئة 20 و 24 سنة بنسبة ) 3.33(%"
5: المشاكل الدراسية :
المدرسة هي إمداد تضيف إلى عمل الآسرة إعداد الشباب لأداء وظيفة إنتاجية في المجتمع و من جهة أخرى تكملة مهمة الأسرة في مساعدة الشباب في النهوض فسيولوجيا و نفسيا و واجتماعيا كما تساعد المدرسة في مواجهة المشاكل فهي بمثابة منهج الذي يتصدى بفاعلية ايجابية لهذه المشاكل.
لكن في بعض الأحيان قد تصبح المدرسة أو المؤسسة التعليمية عامة، مصدرا لتوترات و أزمات و هي تظهر عجز كبير و التوافق مع النظام التعليمي فيكثر الرسوب و الإخفاق في الامتحانات مما يجعل الشباب يعيشون نوعا من الاضطرابات في مستقبلهم المرهون بالنجاح، "حيث بعد الدراسة تبين أن) 4.66 % (قاموا بمحاولة الانتحار بسبب المشاكل السالفة الذكر و تتراوح أعمارهم بين 10 و 24 سنة، و تنعدم ابتداء من سن 25 سنة".
6: المشاكل الاقتصادية و المهنية :
1.6: المشاكل الاقتصادية:
يعتبر مشكل البطالة و السكن في الجزائر من أهم المشاكل الاجتماعية و ذلك نتيجة عدم التوازن في النمو الديمغرافي حيث أن السكن السيئ يعتبر عاملا مؤثرا على الانحراف لذلك قام ")2 % (بمحاولة الانتحار بسبب مشكل السكن الى جانب البطالة. الفئة المعرضة ابتداء من 20 الى 39 سنة فقط" .
2.6: المشاكل المهنية :
هي تلك الانشغالات التي تتعرض بعض الأشخاص أثناء ممارستهم هذه المشاكل خاصة عند الرجال و تمثل في سوء التكيف مع المحيط المهني أو عدم القدرة في الاندماج و هي تظهر على مستوى العلاقات الاجتماعية في المؤسسة المهنية.إن الضغط الذي يعيشه الإنسان لا يكون فقط في أسرته،بل يمكن أن يكون العمل سببا أو مصدرا للضغط و التوتر النفسي لقد أظهرت نتائج الدراسة أن نسبة ( 2% (من أفراد العينة قاموا بمحاولة الانتحار بسبب المشاكل المهنية و عدم الاندماج.
7: المشاكل العصبية و المرضية و النفسية :
1.7: القلق الشديد و الأعصاب :
غالبا ما تؤدي حالات القلق الشديد أو الانهيار العصبي الى الانتحار بعض الأشخاص،أن الأمراض النفسية والعصبية خاصة ارتفعت في كل المجتمعات المعاصرة و بسرعة في السنوات الخيرة وازدادت معها السلوكات الانتحارية"وحسب المعطيات قام) 10.90(%شخصا من مجموع العينة، من بينه )6.33 (%بسبب القلق الشديد و(4.54 (%بسبب الانهيار العصبي وترتفع فئة 10-34 سنة ".
2.7: المرض :
و نعني به المرض العضوي الذي يصيب بعض الأشخاص خاصة منها الأمراض المزمنة و التي ييأس الإنسان من الشفاء منها، و ينتابه الحزن الشديد لأن لا يحتمل نفسه في تلك الوضعية و قد يصل به الأمر الى الانتحار.
حيث اتضح من خلال الدراسة الميدانية التي قامت بها الأستاذة أن رغم تعدد أسباب الانتحار و تنوعها فإن السبب الرئيسي يبقى دائما هو المشاكل العائلية التي تظهر على شكل خلافات مستمرة بين أعضاء الأسرة الواحدة و عدم الانسجام و نقص الاتصال فيما بينهم.
كما تختلف الأسباب باختلاف السن عند المنتحر لكن هذا لا يحدث بطريقة عشوائية، بل لكل مرحلة سن، أسباب خاصة بحيث أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 29 سنة ينتحرون في أغلب الأحيان لأسباب المشاكل العاطفية و الدراسية و حالات القلق و المشاكل الجنسية في حين ينتحر الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 29سنة و ما فوق بسبب المشاكل الزوجية و ألمهنية الاقتصادية و الاجتماعية.
كما تبين من خلال هذا التحليل أن أسباب الانتحار حسب الجنس هي كما يلي :
1) عند الذكور : المرتبة الأولى المشاكل العائلية، ثم حالات القلق و الأعصاب ثم المشاكل المهنية في المرتبة الثالثة.
2) عند الإناث : المشاكل ألعائلية ثم المشاكل العاطفية و الخلافات الزوجية.
الخاتمة :
و في الاخير تبين لنا أن أسباب الانتحار التي تدفع بالشباب إلى الانتحار من الجنسيين كلها تتعلق بمشاكل عائلية و المتمثلة في الخلافات بين أفراد الأسرة ، أو خلافات زوجية أو بسبب الطلاق،
و مشاكل اجتماعية مثل اليأس الناتج عن الفقر و البطالة ، ضف إلى ذلك إصابة بعض المنتحرين بأمراض عقلية و نفسية و جسمية إلى جانب الفشل في العلاقات العاطفية.
اما فيما تعلق بالوسائل نجد من يميل الى استعمال وسائل عنيفة و غير عنيفة عند البعض الآخر ، و من الأدوات الأكثر استعمالا في عملية الانتحار نجد الشنق،الحرق، القفز من الأماكن العالية ، استعمال الأسلحة النارية، تناول المواد السامة و الكيميائية كالأدوية مثلا و مواد التنظيف الى جانب استعمال المواد الحادة أيضا و استنشاق الغازات السامة.و من خلال ما تم تقديمه في هده المداخلة اتضح لنا أن (ظاهرة الانتحار) تفاقمت مع ظهور أزمة اقتصادية ،و كذا أزمة السكن نظرا لزيادة النمو الديمغرافي، و التي مست جميع شرائح المجتمع خاصة الشباب العازب و المقبل على الزواج.
و من الأرقام المسجلة من خلال الإحصائيات المتحصل عليها ، تسنى لنا معرفة هده الظاهرة التي ينبذها المجتمع لعدة اعتبارات تحولت بفعل الهزات المتتالية التي ضربت عمق المجتمع الجزائري و منذ بداية العشرية الخيرة إلى أزمة حقيقية تتطلب التدخل السريع لإنقاذ حياة الميؤوسين، و حثهم على التفكير في مواجهة الواقع بعيدا عن الحلول السريعة الهدامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق